الأعشاب الطبية.. وفشل عمل الكلى ...
ا
جريدة الرأي : د. محمد اللوزي - مستشار الأمراض الباطنية والكلى.
زميل كلية الاطباء الملكية البريطانية وزميل كلية الأطباء الملكية سكوتلاند (جلاسكو) :
يتشافى الناس منذ قرون طويلة بواسطة الاعشاب الطبية المتعارف عليها ضمن المجتمع وتناقلها الناس من جيل الى جيل بسبب غياب الطب الحديث.
وتمثل الاعشاب الطبية واحدة من وسائل الطب البديل بمعنى ''البديل عن وسائل الطب والادوية الحديثة للمعالجة'' .
اما الوعي الطبي لمضار هذه الاعشاب فبدأ في التسعينات من القرن الماضي خاصة في الولايات المتحدة 1990- 1997، وكما تشير احصائيات فان حوالي 25% من المواطنين جربوا و10% استعملوا هذه الاعشاب لفترة طويلة.
وفي عام 2001 حسب التقارير المثبتة تم صرف 80ر17 بليون دولار على هذه البدائل في الولايات المتحدة. وفي الاتحاد الاوروبي عام 2003 صرفت 5 بلايين دولار اميركي على هذه البدائل الطبية.
ومن المهم مناقشة المفهوم العام لدى المواطنين ،بان هناك الكثير من الاعشاب الطبية المفيدة والتي استعملت على مدى قرون طويلة في بلاد الشرق خاصة ،وهذا صحيح..
ولكن الكثير عن بعض هذه الاعشاب السامة لا يعرفها الناس لعدة اسباب ومنها ان النبتة معروفة ولكن لا توجد دراسة كافية عن سميتها، وقد تخلط بعض النباتات المعروفة بأنها ذات فائدة طبية بنباتات اخرى ذات سمية او عوارض ضارة للجسم من اجل التجارة.
ومن الخطأ الشائع ان نصفها بانها نباتات طبية صينية أي Chinese herbal Medicine بسبب تواجدها في كثير من دول العالم خاصة جنوب شرق اسيا والهند وافريقيا واميركا الجنوبية والشرق الاوسط.
وان كان موضوع الاعشاب الطبية يتسع ويتعدد بمسمياته ،الا ان نبتة ارستولوشيا Aristolochia النبتة صاحبة الشهرة السيئة، والتي نبهت العالم لمعرفة مساوئ طب الاعشاب غير المدروسة، لانها احد اهم اسباب فشل الكلى المزمن لمن يستعملها لعلاج امراض كثيرة مثل: امراض الازمة ،حساسية الرئة وامراض المفاصل والصداع وآلام البطن والتهاب المسالك البولية ولسعة الافاعي.
وقد شاع استعمال هذه النبتة الطبية سيئة السمعة منذ القرن السادس عشر في فرنسا. وفي عام 1992 بدأ الأطباء في بلجيكا يلحظون تزايد امراض فشل الكلى في بلادهم خاصة عند المرضى الذين يستعملون بعض الاعشاب خاصة (آرستولوشيا). اما في 1994 فتم تحليل حامض الارستولوش في هذه النبتة ووجد ان السبب الرئيسي لفشل الكلى الناتج عن اصابة الكلى بمرض مزمن يأخذ أحد الاشكال التالية:.
1- ضمور حجم الكليتين.
2- فقر دم شديد.
3- زلال بالبول.
4- تلف انابيب الكلى.
5- تليف نسيج الكلى المزمن.
6- فشل عمل الكلى التام.
وكان معظم المرضى قد استعملوا هذه العلاجات لفترة طويلة حوالي سنة ونصف، وبكميات ما بين 10-200 غرام يومياً. وننبه بأن الاخطر من كل ذلك اصابة المسالك البولية بسرطان المثانة او المسالك البولية الاعلى ..
ورغم تحذيرات منظمة الدواء والغذاء الاميركية FDA منذ عام 2001 من هذا المضمار لهذه الاعشاب فلا زالت تباع بواسطة شبكة الانترنت دون رقيب.
وفي الاردن، توجد كثير من هذه الاعشاب لدى بعض المدعين بقدرتها على الشفاء رغم جهود وزارة الصحة المكثفة بمنع الاعلان .
ويجدر بالمواطن ان يلاحظ وجود شركات تبيع ادوية على شكل بدائل ومساندات طبية Medical Supplement تحتوي على مواد طبية موضحة على العلب الحاوية لها ولكن مع ملاحظة مكتوبة بخط واضح: (ان هذه المواد لم تخضع لفحص ولم تصرح من وكالة الدواء والغذاء الاميركي FDA). فهذه المؤسسة العالمية المشهود لها والتي يتبعها العالم كرائد مطمئن للمريض المستهلك لم تصرح لهذه الادوية بمحتواها او فائدتها عكس الادوية الاخرى.. فماذا يعني ذلك؟.
ولماذا تتوفر بكثرة وكثافة ونسبة بيع عالية.
السؤال حائر امام المواطن والطبيب ووزارة الصحة.